قراءة جديدة فى المشهد السورى و حقيقةً الدور التركى فى الضغط على دمشق
بقلم الكاتب الصحفي و المحلل السياسي سعيد محمد أحمد
مع رفض دمشق الدائم التطبيع مع أنقره على مدى السنوات المنصرمة، وتحت الحاح اردوغان المستمر والدائم على التطبيع والمصالحة مع سوريا، وبرغم جولات حوار التفاهم السياسي والامني والعسكري بين البلدين ،قوبلت برفض دمشق استنادًا لقرار سوريا بضرورة انسحاب قوات الاحتلال التركى من الاراضى السورية كشرط اساسي للمصالحة، وفرض السيادة السورية على كامل اراضيها، بل ومطالبة دمشق لأنقرة بوقف دعمها للمعارضة المسلحة السورية من دواعش العصر من هيئة تحرير الشام ” جبهة النصرة سابقا” وما يسمى بالجيش السورى الحر وكافه الفصائل الارهابية المتطرفة.
وبرغم أصابع الاتهام تؤكد تورط تركيا ورغبتها فى ممارسة الضغوط على بشار الاسد، الا ان هناك شكوكا حول دعوة تركيا للتفاوض تحت الرصاص كرد تركى على تجاهل بشار الاسد لكل دعوات اردوغان بالمصالحة، واجبار الحكومة السورية على التفاوض عبر التهديد بهيئة تحرير الشام “النصرة سابقا” والمدعومة من أنقرة منذ أحداث مارس٢٠١١ باعطائها الضوء الاخضر للتصعيد عسكريا بتحرك عناصرها الى احتلال محافظة حلب والسيطرة تماما عليها دون مقاومة من ايران وجماعة حزب الله ، وربما بتوافق “اقليمى” تركيا وإسرائيل على تقليص الوجود الايرانى وجماعات حزب الله فى سوريا ، وتحت مزاعم تركية وغطاء اعلامى لحماية الوجود العسكرى التركى فى مناطق خفض التصعيد فى الشمال السورى .
المؤكد أن تحرك قوات هيئة تحرير الشام ” “النصرة سابقا “وما يتبعها من المعارضة السورية المسلحة والفصائل الارهابية المتطرفة بكافة مسمياتها بإعادة احتلال مدينة ادلب، ولغرض فى نفس” اردوغان” الراغب فى السيطرة على مناطق “منبج وتل ورفعت “ليشكل خرقًا تركيًا لكل ما تم الاتفاق علية فى مباحثات الاستانة التى جرت تحت الرعاية الروسيه .
المثير فى استيلاء “جبهة النصرة السريع على مدينة حلب وقطع الطريق الدولى “حلب دمشق”، جاء مترافقا مع دخول فصائل ارهابية تحمل شعار دواعش العصر منتمية لهيئة تحرير الشام الى مدينة حلب وقراها
والسيطرة عليها وتبين انتمائها لقوات “نور الدين الذنكي” احدى حركات الاسلام السياسي التى تتبنى فكرا ارهابية متطرفا وشاركت فى الحرب الاهلية السورية ما بين عامى ٢٠١٤ و٢٠١٥ وبما يتماشى ويتوافق مع “جبهه النصرة” .
وبرغم حالة الرعب والاحتقان التى تسود العديد من الاوساط الشعبية والسياسية فى سوريا من اندلاع دائرة الصراع الاممى والاقليمي الدامى والتدميري مرة آخرى فى سوريا، وقد تشهده عدة مدن سورية، خاصة مع ما يتواتر من أنباء عن نية تلك الفصائل المسلحة بالتوجه الى” مدينه حماه “، وبما يشكل خطرا داهما على أمن سوريا القومى من موجات تهجير قسري وسقوط الضحايا والابرياء من المدنيين، وبما يتواكب معها استعادة حملات التشكيك واعادة انتاج انتشار الشائعات السابقة منذ سيرتها الاولى، ليبقى الحاكم الوحيد فى استحالة التطبيع او المصالحة مع انقرة منعدما لانعدام الثقة تماما شعبيًا فى مقاصد أطماع تركيا تجاه دمشق .
وربما ما جرى فى الشمال السورى واحتلال مدينة حلب قد تم بشكل مفاجىء بالنسبة الى دمشق وربما أيضًا للميليشيات الايرانية وعناصر حزب الله المتوغلة والمسيطرة مع قوات من الجيش السورى فى تلك المناطق ، الا ان هجوم “جبهة النصرة” والمرتبطة بالعناصر المسلحة لم يكن مفاجئًا بالقطع لا بالنسبه الى إسرائيل التى توعدت بشار الاسد بعدم اللعب بالنار فى رسالة بضرورة فك ارتباط دمشق مع طهران .
كم لم يكن الامر أيضا مفاجئًا بالنسبة الى تركيا التى تدرك جيدا ان هيئة تحرير الشام ” جبهة النصرة ” تتلقى تعليماتها من اردوغان بكيفية ومدى وعمق تحركها لارتباط مصالحها الاستراتيجية بدمشق واصرارها على التطبيع مع دمشق تحت وقع اطلاق النار ، كما لم يكن الهجوم مفاجئًا ايضا بالنسبة للولايات المتحدة بحكم وجود قوات لها على الاراضى السورية، وبما يؤكد ان تلك الحملة تستهدف الضغط أيضا على الوجود الايرانى وجماعة حزب الله للتعجيل بخروجهما من سوريا وفق ضوابط ومصالح أطراف الصراع على الارض السورية، خاصة بعد قطع اذرع ايران فى لبنان وربما فى المنطقة وفق توافق دولى على ضرورة تحجيم الوجود الايرانى فى المنطقة ووقف تمدده بتوافق اقليمى ودولى وعربى .
على جانب اخر جاء بيان الخارجية التركية ليؤكد تنصل أنقرة من جبهة النصرة ودعمها للجماعات والتنظيمات الارهابية المسلحة على خلاف الحقيقة، كما يؤكد أيضا تخلى انقرة عن اتفاق أستانا ، وكأن هناك اتفاق تركى إسرائيلى على نقل الحرب من لبنان الى سوريا لتحقيق مطامع تركيا فى الوصول الى منطقة تل رفعت وعفرين وكأن الوجود التركى ارحم من الوجود الايرانى ،ورغبة تل ابيب فى إبعاد قوات الميلشيات والحرس الثورى وجماعة حزب الله عن سوريا.
حقيقة الامر أن كل ما يجرى سواء فى المنطقة إقليميا أو فى سوريا تحديدا ليس صدفة، وانما يقع تحت استمرار المؤامرة ليس على النظام والحكومة السورية، وانما المستهدف سوريا الدولة والارض والوطن، والجيش العربى السورى وربما قد يكون بشار الاسد الهدف الاخير ،وبما يفرض على روسيا استخدام قوتها لاعادة التوازن وضرب مناطق تواجد العناصر المسلحة ، نظرا لما يشكل خطرا على دمشق وتصبح مهددة بالفعل بمشروع “التقسيم” الذى يسعى اردوغان لإحيائه وبما يفرض على العرب جميعا مسانده ودعم سوريا الدولة والوطن والارض من الضياع.