عام على لقاح كورونا.. كيف كانت حصيلة المعركة ضد الفيروس المتحور؟

 

مرّ عام على بدء المعركة ضد كوفيد-19، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 بدأت الإعلانات تتوالى عن التوصّل إلى لقاحات ضدّ الفيروس، وللمرة الأولى، تنشر بعض الأمل لمواجهة الجائحة في جميع أنحاء العالم، وبعد الإعلان عن فاعلية لقاح شركتي “فايزر” و”موديرنا”ً انطلقت رحلة التفاؤل في القضاء على الوباء الذي غيّر مجرى التاريخ لعامين حتى الآن، لكن ما زال هناك العديد من التحديات.

من المتوقع أن يصل سوق اللقاحات العالمي إلى 58.4 مليار دولار بحلول عام 2024 من 41.7 مليار دولار في عام 2019، بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 7% خلال فترة التوقعات.

ومع ظهور المتحور أوميكرون عالميًا في أكثر من 94 دولة، من المتوقع أن يزداد حجم سوق لقاحات كوفيد-19عبر الأسواق السبعة الرئيسية -الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة واليابان- من 13.6 مليار دولار في عام 2021 إلى 19.5 مليار دولار في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 7.6%، وفقًا لـ Global Data.

تلقى 56.8% من سكان العالم جرعة واحدة على الأقل من لقاح كوفيد-19. وتم إعطاء 8.67 مليار جرعة على مستوى العالم، ويتم الآن إعطاء 35.99 مليون جرعة كل يوم. بحسب بيانات موقع Our World In Data.

فما حصيلة جهود دول العالم لتوفير اللقاحات المضادة لكوفيد-19 خلال عام 2021؟ وكيف تم تطبيق خطط التطعيم بعد عامين من الصراع المستمر مع فيروس عطّل الحياة في الكون بأسره ؟

تزوير شهادات التطعيم

يرفض العديد من الأشخاص، خصوصا في أوروبا، تلقي اللقاح، رغم تجاوز جرعات التطعيم في القارة العجوز المليار بنسبة 64% من عدد السكان.

وفي فرنسا فتحت وزارة الداخلية أكثر من 400 تحقيق واعتقلت أكثر من 100 شخص على خلفية انتشار شهادات تطعيم صحيّة مزورة بلغت 110 آلاف وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

وفي هذا السياق أوضحت الباحثة في البيولوجيا الجزيئية والعلوم السرطانية المقيمة في فرنسا الدكتورة أصالة لمعة  أنّ هناك “لوبي منظم مضاد للقاحات، وما يحصل حاليًا من تزوير للوثائق هو خداع للدولة وليس للفيروس، وهذا ما يفسر ارتفاع حالات الأشخاص بالعناية المركزة والوفيات لغير المطعمين”.

وتضيف لمعة “إن عدم أخد اللقاح سيؤدي إلى انتشار الفيروس وبالتالي تزايد احتمال ظهور متحورات أخرى”، فمتحوّر “أوميكرون” هو برأيها الأسرع انتشارًا، و”التخلف عن اللقاح يشكّل عائقا أمام تحقيق تقدم في مواجهة أحد أخطر المتحورات”.

وفي ألمانيا ومع ظهور ما سمي بـ “جائحة غير الملقحين” بعد تفشي الموجة الرابعة من كورونا بشكل مقلق وتزايد عدد المصابين في وحدات العناية المركزة غالبيتهم من غير الملقحين -بلغت نسبة التطعيم 73%- ما استدعى تدخل الخبراء وأطباء العناية المركزة، وأصدر معهد روبرت كوخ (RKI) تقريرًا يؤكد فيه أن التلقيح يحمي بفاعلية من الأمراض الشديدة أو الموت.

بينما أدى إلزام الأشخاص في الولايات المتحدة بإثبات شهادة التطعيم عند دخولهم أماكن العمل أو الدراسة أو الاختلاط بالآخرين إلى ظهور ما وصفته “بي بي سي” بسوق سوداء مزدهرة لشهادات التطعيم المزورة، والتي يمكن لأي شخص الحصول عليها مقابل 100 دولار فقط، وكإجراء من المنتظر أن يقلل من حالات دخول المستشفى بنحو 250 حالة، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، ستبدأ إدارة السلامة والصحة المهنية التابعة لوزارة العمل الأميركية OSHA في فرض العقوبات على الشركات الخاصة الكبيرة التي لا تمتثل للقانون الفيدرالي، الذي ينص على تخيير الموظفين بين تلقي اللقاح أو إجراء فحص كوفيد-19 اعتبارا من 10 يناير/ كانون الثاني. بينما يرفض البيت الأبيض فكرة فرض “جواز صحي فيدرالي” لمن تلقوا تطعيمًا. وحسب موقع covidvax تجاوز عدد جرعات التطعيم في أميركا 502 مليون جرعة بتاريخ 26 ديسمبر، وتخطت نسبة التحصين 72%.

الإمارات في المقدمة

 

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

لم يتلق سوى 7.6% من الأشخاص في الدول ذات الدخل المنخفض جرعة واحدة من اللقاح، وفقًا لبيانات موقع Our World In Data، ويعكس ذلك الفجوة الواضحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فعلى الرغم من نجاح دول الخليج في تلقيح غالبيّة كبيرة من سكانها، لم يتمكن العديد من البلدان في المنطقة باستثناء المغرب سوى من تلقيح أقل من 50% من سكانها، في ظلّ تحديات عديدة تعيق عمليات توزيع اللقاحات في هذه الدول.

يجمع روبرت كوبينك، وهو الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في جامعة نيويورك – أبوظبي، وأحد أعضاء فريق المشروع البحثي (CoronaNet Research) قاعدة بيانات حول استجابة الحكومات للجائحة، وهو يقول أنّ ” ميزانيات الحكومات ما زالت صغيرة جدًا، بما لا يمكنّها من التنافس بقوة على اللقاحات غير المتوافرة”.

وتتصدر الإمارات دول العالم والمنطقة العربية بمعدّل السكان الحاصلين على لقاح كوفيد-19 مع تسجيلها نسبة 92.34% حتى 20 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وبحسب موقع وزارة الصحة ووقاية المجتمع فإن عدد جرعات اللقاح التي تم تقديمها بلغ 22,2 مليون جرعة.

وفي السعودية تجاوز عدد جرعات التطعيم 49 مليون جرعة حتى 26 ديسمبر/ كانون الأول 2021، وبلغت نسبة تحصين السكان 70% وفقًا لموقع covidvax الخاص بتتبع التطعيمات. وأعلن المتحدث الرسمي لوزارة الصحة محمد العبد العالي مؤخرًا عن قرب إطلاق حملة إعطاء اللقاح لمن هم فوق 5 سنوات، واستكمال تحصين 22 مليونًا و900 ألف شخص.

وفي البحرين اعتبرت وزيرة الصحة البحرينية فائقة بنت سعيد الصالح النتائج التي حققتها المملكة إيجابية بحسب بيان لموقع الوزارة، حيث قالت: “إن تبوء البحرين المركز الأول عالميًا وفقًا لتقرير مؤشر “نيكاي” الياباني للتعافي من فيروس كورونا لشهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، يؤكد أن خطط المملكة للتعامل مع الفيروس تسير في الاتجاه الصحيح، الذي أثمر عن انخفاض معدل الحالات القائمة وتضاعف معدلات تلقي التطعيم”. وقد تجاوز عدد جرعات التطعيم في البحرين 3مليون جرعة وبلغت نسبة التحصين 68%.

وفي مصر، وهي أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وصلت نسبة التحصين ضد كوفيد-19 إلى 18% حتّى 19 ديسمبر/ كانون الأول. وكانت القاهرة تلقّت 300 ألف جرعة من لقاح أكسفورد- أسترازينيكا كمساعدة من الحكومة البريطانية في أغسطس/ آب الماضي، كما تلقت في أبريل الماضي 850 الف جرعة لقاح من استرازينكا من خلال مبادرة كوفاكس.

 

Source : Khaled ElAdawy / Shutterstock.com

استهدفت حملة التلقيح في المغرب الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 17 عامًا، ووحتى تاريخ 26 ديسمبر كان المغرب وزّع 50 مليون جرعة تقريبا، وتجاوزت نسبة التحصين 61%.

رغم الأرقام الإيجابية، قوبل قرار الحكومة المغربية بفرض التطعيم وإلزامية جواز التلقيح كشرط للتنقل في البلاد ودخول المؤسسات العامة وغيرها، الذي دخل حيز التنفيذ في 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالرفض لدى بعض الأوساط الحقوقية والسياسية، ونظمت وقفات احتجاجية في بعض المدن المغربية.

وبين معارضي اللقاحات عدد من المشرّعين بينهم النائبة البرلمانية عن حزب الاشتراكي الموحد المغربي نبيلة منيب، التي عبّرت لفوربس عن استهجانها لمنعها من دخول البرلمان، ومنع محامين من دخول المحاكم لعدم حيازتهم جوازات التلقيح، واعتبرت في قرار جواز التلقيح الصادر عن مجلس النواب خرقا للدستور المغربي.

وبرأي منيب فإنّ “التلقيح اختياري وفقا لقانون نورمبيرغ لعام 1947 الذي ينص على ان التلقيح يندرج ضمن التجارب الطبية ويجب أن يخضع للقبول خارج أي ضغط”، واللقاح برأي منيب “ليس فعالا مع ظهور المتحورات، كونه لا يطوّر مناعة الملقحين لمواجهة الأشكال المتحورة، مستخلصة أنّ إلزامية اللقاح ضرب للديمقراطية وتعارض مع حقوق الإنسان”.

أرباح شركات تصنيع اللقاحات

من المتوقع أن يحقق لقاح شركة فايزر مبيعات بقيمة 36 مليار في 2021 وفقًا لـ Global Data، وتتوقع الشركة أن يحقق لها إيرادات لا تقل عن 29 مليار دولار في عام 2022. بينما سيحقق لقاح شركة موديرنا 15 إلى 18 مليار دولار، فيما ستصل إيرادات لقاح أسترازينيكا إلى 1.7 مليار دولار في 2021، علما أنّ الشركة كانت توزّع لقاحها بسعر الكلفة حتى نهاية الربع الثالث، وهي قررت بدء تحقيق أرباح منه اعتبارا من الربع الأخير. وحقّق لقاح بحسب نتائج أسترازينيكا للربع الثالث سنتا واحدا لكل سهم.

رافق لقاح شركة جونسون آند جونسون عقبات كثيرة خلال عام 2021، ففي أبريل/ نيسان، علق مركز السيطرة على الأمراض استخدامه لمدة 10 أيام للتحقيق في ست حالات من تجلّط الدم، قبل أن يقرر المركز رفع الإيقاف المؤقت الموصى به للقاح بعد مراجعة شاملة للسلامة. وتتوقع الشركة أن تصل المبيعات إلى 2.5 مليار دولار مع نهاية عام 2021، وفقًا ل CNBC.

في أغسطس/ آب 2020، سجلت روسيا سبوتنيك- في، كأول لقاح في العالم ضد كوفيد -19، وتقدمت في يناير/ كانون ثان 2021 بطلب للحصول على الموافقة لدى الاتحاد الأوروبي، لكن اللقاح الذي تقول موسكو أنّ فاعليته تصل على 94% لم يعتمد حتّى الآن.

ومن المتوقع أن تتبع المنظمة عمليات تفتيش لمواقع التصنيع في شباط / فبراير المقبل فيما قال مسؤول روسي لرويترز” سارعت موسكو إلى الموافقة على اللقاح للاستخدام المحلي وتم تصديره إلى دول أخرى في جميع أنحاء العالم، لكن لم يتم اعتماده من أيًا من منظمة الصحة العالمية أو وكالة الأدوية الأوروبية وهي الجهة الناظمة للأدوية في الاتحاد الأوروبي.”

وفي مايو/ أيار الماضي وافقت منظمة الصحة العالمية على الاستخدام الطارئ للقاح سينوفارم الصيني، وبحسب رويترز قد توسع الشركة المنتجة للقاح طاقة الإإنتاج إلى 3 مليارات جرعة سنويًا.

فيما طورت البلاد أربعة لقاحات محليًا للاستخدام العام ومنحت المنظمة ضوءها الأخضر لاستخدام لقاح كوفوفاكس الهندي وتم الإعلان مؤخرا عن لقاح وركوفاك التركي بينما أعلنت شركتا الأدوية الأوروبية سانوفي وغلاكسو سميث كلاين أن لقاحها ضد كوفيد-19 المرتقب بشدة سيتم تأجيله حتى عام 2022 لاستكمال التجارب السريرية.

ويأتي لقاح نوفافاكس Novavax بعد أن وافقت الهيئة الناظمة للأدوية في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، على أن يكون اللقاح كبديل فعال للقاحات mRNA، ليستخدمه البالغون في 27 دولة. ويعتبر الخبراء أنه يمكن أن يكون خيارًا واعدًا للأشخاص الذين كانوا مترددين في تلقي اللقاح حتى الآن، لأنه لقاح قائم على البروتين وليس على الرانا المرسال.

وفي المقابل أجازت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) الاستخدام الطارئ للأقراص المضادة لكوفيد-19 من مختبرات فايزر، للمرضى المعرضين لخطر عال والذين يبلغون 12 عاما وما فوق، في خطوة مهمة على صعيد مكافحة الوباء يمكن أن تسمح لملايين المصابين بالحصول على العلاج.

 

الجرعات المعزّزة وإطالة عمر الوباء

 

Vitalii Stock/Shutterstock.com

 

وفي ظل مواجهة المتحورات الجديدة للفيروس، اعتمدت مجموعة من دول العالم جرعات معززة لرفع المناعة، فيما دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إلى وقف التطعيم المعزز للبالغين الأصحاء حتى نهاية عام 2021، لمواجهة عدم التكافؤ المستمر والعميق في الحصول على اللقاح على الصعيد العالمي في حين أكد أن العديد من البلدان لا تزال بعيدة عن بلوغ هدف التغطية بنسبة 40٪ بحلول نهاية عام 2021.

ونشرت CNBC. تقريرا لوكالة الأمن الصحي في بريطانيا، حيث تشير نتائج أولية لدراسة واقعية، أن الجرعات المعززة من لقاحات كوفيد-19 توفر حماية بنسبة تتراوح بين 70 و75 % من الأعراض الخفيفة للنسخة المتحورة الجديدة. وتقول لمعة: “اليوم نحن في أمس الحاجة إلى الجرعات المعززة، وذلك لأن الأبحاث أظهرت أن المناعة ضد المتحور دلتا تنخفض تدريجيًا بعد 4 أشهر من أخذ الجرعة الثانية، وبالتالي فالجرعة الثالثة ضرورية مع ظهور أوميكرون، لأنه اكتسب صفات تهرب مناعي، وبالتالي انخفضت فاعلية اللقاحات في محاربته”.

غير أنّ لمنظمة الصحّة العالميّة رأي آخر، فقد حذّر مديرها تيدروس أدهانوم غبرييسوس من وهم شائع مفاده أن اعطاء الجرعات المعززة 19 سيكون كافيا لتجاوز الوباء، وقال :”لا يمكن لأي بلد، أن يتجاوز الوباء بفضل جرعات معززة، وهي ليست ضوءا أخضرا للاحتفال (بالانتصار على الوباء) كما سبق ان توقعنا”.

“نقلا عن فوربس”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى