حكايتى يوم قيام الحركة المباركة
بقلم م. محسن الشريف
منذ ٧٢ عاما
صباح الأربعاء(على ما اتذكر)
١٨٨ شارع سعد زغلول
ميدان سوق الأحد
الجيزه العظيمه
شاب لم يتجاوز الثانيه عشره ونصف عام من العمر
يصحو مبكرا
انها اجازة العام الدراسي ١٩٥١/ ١٩٥٢
عام ملئ باحداث سياسيه مزعجه
الملك الفاسد يصول ويجول ويلعب بالدستور كما يلهو طفل مدلل
وزارات تتغير ولم يمضى عل تشكيلها ٢٤ ساعه..منتهى الفوضى
الوفد يحرك الجماهير بدهاء
والاخوان تحولوا إلى طابور خامس بعد مقتل البنا وحظر وجودهم
الشيوعيون حمدتو تنظيم سرى مكروه
احمد حسين والاشتراكيه فى حزب مصر الفتاه يتحدى الملك على صفحات جريدته ويكتب مقالا شهيرا…رعاياك يامولاي.. والرعايا أصابهم الفقر والجهل والمرض وكرابيج الاقطاع
القاهره تحترق فى يناير
المدارس و(الجامعات٣ جامعات)؟تغلق مرارا الى اجل غير مسمي باستهانه لمنع الاضرابات
فضائح الملك وأمه نازلى وعشيقها احمد حسنين رئيس الديوان الملكى وشقيقته فتحيه الهاربه إلى كاليفورنيا لتتزوج من فؤاد غالى المسيحي
الاستعمار البريطانى يهيمن على القرار السياسي ويحتل منطقة القناة كاملة
المناخ عفن عفن عفن
نذر شئ ما سيحدث
الشعب الفقير الجاهل المريض يلجأ إلى المساجد والجوامع والزوايا يصلى وينظف نفسه من ماء الدوله هربا من شبه منازل لاتستر وليس بها مياه او كهرباء او صرف صحى ..يدعو المولى الرحمه والانقاذ
هذا هو الحال صباح ٢٣ يوليو ٥٢
وسحقا لمن يتباكوا على مصر شبيهة أوروبا فى الاربعينيات
كان والدى موظفا حكوميا مرتبه جيد وله ميراث مكننا من اقتناء راديو ماركه انجليزيه..وضعناه على رف خشبى بصالة المنزل وله كيس قماش كان يتغير مع شراء كسوة الشتاء والصيف
عبثت اصابعبي بمفاتيح الراديو لاسمع النشره الصباحيه بصوت منخفض لعدم ازعاج من كانوا يغطوا فى تومهم عدا الوالد والوالده
وكان بيان الجيش الأول
صوت قوى رخيم لا نعرفه
مع اننا نعرف كل المذيعين واحبهم جميعا وعرف في ما بعد بالسادات
البيان يعلن قيام الجيش بحركه مباركه استولت على مقاليد البلاد لاحظت أنهم لم يطلقوا عل العمليه الا كلمة حركه مباركه
أسرعت إلى غرفة والدى ابشره وانا فرح جدا ولكن رد فعله لم يكن مرحبا قائلا
كده الوفد ممكن يرجع الحكم
يانهار اسود ياوالدي
ليه ده..هو ده كل اللى يهمك
كان وفديا للنخاع
الوالده لم تعى الأمر اهتماما وهى تعد الإفطار طاجن بيض بالسمن البلدى والعيش الشمسي وجبنه قديمه بدودها
ناكل ايه. يا امى؟.البلد فيها حاجه كبيره
اردد مع إعادة البيان بصوت جلال معوض اشهر مذيع شاب فى الخمسينيات
انا بعد اذن حضرتك نازل الشارع
ياواد اعقل خليك هنا خليك لما يصحى اخوك محمد انزلو سوا
لم ابالى ومتاكد محمد الذى كان منخرطا فى نشاط شيوعي لن يعجبه شىء
نزلت شارع سعد زغلول أشهر شارع تجارى بالجيزه…
الشارع ممتلئ بالبشر على غير العاده والكل يتسائل ايه اللى حصل ومين محمد نجيب ده.. وللعجب كانت صورته مع بعض الرجال
كيف وصلت ومتى ..؟ هناك تنظيم بلا شك
أسرعت جريا إلى ميدان الجيزه لأرى ماذا سيحدث
هناك كانت جماهير غفيره تتزايد وبعضها يركب ترام ١٥ مصر القديمه العتبه والتذكرة كانت ب ٨ مليم تدفعها للكمسارى ويعطيك باقى القرش مشط كبريت ب ٢ مليم
لم يكن معى اى نقود ماذا أفعل
رأيت الترام مزدحم ولا وجود للكمسارى او ربما هو مشارك فى التظاهر
وفعلا لم ادفع شيئا.. حركه مباركه
الشوارع كلها حتى ميدان الإسماعيلية التحرير فيما بعد ظهرت بها الدبابات من ثكنات الجيش التى كانت مكان جامعة الدول وهيلتون …
عدد متزايد من الدبابات حتى ميدان عابدين ارتال من جنود المشاة بخطوات تهز الأرض وتسعد النفس
وصلت الميدان ورأيت جيش مصر العظيم يحيط بالقصر والجنود تملا المكان بوجود مصريه حقيقيه تبش بالخير وللعجب اكثر من بائع عرقسوس يوزع المشروب مجانا يتينادى خمير وشغا الملك اختفى
فرحت جدا
وانتفضت عروقى بدماء ساخنه
وعلا صوتى هاتفا تحيا مصر ويسقط الملك الفاسد والاستعمار الغاشم
توالت الأحداث متسارعه ونجحت الحركه المباركه وبدأت تتسرب الأسماء وأولها اسم البكباشى جمال عبد الناصر مع اللواء محمد نجيب
وبعد ثلاثة أيام تم تنازل الملك عن العرش لولى عهده الطفل الأمير أحمد فؤاد وحيد ناريمان وتعيين مجلس رئاسة يرأسه رشاد مهنا حصانه للملك الطفل وغادر فاروق البلاد بيخت المحروسه إلى إيطاليا وادى ممثلى الحركه من الجيش كل مراسم الاحترام له عند مغادرته البلاد غير مأسوف عليه
- نجحت الحركه التى تحولت إلى أعظم ثورة بناءا وتنمية وحريه وكرامه لمصر والمصريين….
وبدأت اغانى الحركه المباركه وكان اول تشيد لها عنده ليلى مراد من ألحان وتاليف مدحت عاصم
على الصلاه القوى الاعتماد
بالنظام والعمل والاتحاد
ومحمد قنديل
عالدوار عالداوار راديو بلدنا فيه اخبار
شهاده من مواطن عايشها منذ قيامها حركه وحتى كتابة شهادة وفاتها فى ١٩٧٥ ( ثورة شامله لم ترق لاحد من بقى من ابناءها ان تستمر).
عشت ايامهازوشاركت لفتره فى صنع القرار وتمتعت وما زلت بخيرها
تحيا مصر
