الحرب الروسية الأوكرانيا الأبعاد الجيوسياسية والجذور العرقية والدينية للصراع الأوروبي الروسي (الحكاية بالبلدي)
.معلهش هو مقال طويل ودسم ومحتاج شوية تركيز ، فجهز فنجان القهوة الحلو بتاعك وسجايرك وابتدي اقراه ، ولو مش فاضي يستحسن تحفظه عندك لحد ما يكون عندك وقت
#أولا: لازم نعرف هي إيه أصلا مشكلة الغرب مع روسيا و القومية الروسية …. و اللي يقولك أصل الغرب عنده خوف من الأطماع التوسعية الروسية ده شخص عنده مراهقة فكرية …. و إوعى تتخدع بالشعارات الغربية العلمانية بتاعة الحريات و الكلام الفارغ ده، لأن الموضوع ليه أصول عرقية ودينية و عقائدية بحتة ، ….
فالغرب الكاثوليكي بفرعه البروتستانتي «الأنجليكان» مش بيطيق الطائفة «الأورثوذكسية» الشرقية و بيكــر.هها كر.ه العمى …. و بيوظف الموضوع ده سياسيا و عسكريا بإمتياز …. زي بالضبط التصريح الشهير لجورج بوش لما قال في حرب العراق إنها حرب صليبية جديدة …. فهتلاقي كل حلفاء «روسيا» سواء في أوروبا أو آسيا يا إما مسيحيين أورثوذكس يا إما مسلمين شرقيين، ودول متعودين على التعايش مع بعض منذ 1400 عام …. و هتلاقي كل الغرب اللي متحالف ضد الروس هو يا إما كاثوليك أو إنجليكان «بروتستانت» ….
معلهش انا عارف إن الكلام في موضوع الطوائف الدينية حساس و ناس كتير مش بتحبه … لكن للأسف هي دي الحقيقة على الأرض….. فالمواطن الغربي حتى لو كان مش متدين أو حتى لا ديني … هتلاقيه بيكره الطائفة الأرذوثوكسية …. وعشان كده مش صدفة أبدا إنك تلاقي كل اللي مع روسيا أرذوثوكس ، و الفريق الآخر كاثوليك و بروتستانت.
وهنا لازم ناخد بالنا إن التركيبة العرقية والديموجرافية لأوكرانيا بتمثل وبتخدم الصراع الطائفي والقومي دا بامتياز ،، فرغم أن الغالبية الكاسحة من الشعب الأوكراني هي من العرقية السلافية (باستثناء سكان شبه جزيرة القرم ذوي الأصول التترية) ، لكنك هتلاقي أوكرانيا منقسمة دينيا ونفسيا إلى ثلاثة مناطق أو أقاليم مختلفة :
الشرق: و أغلبيته من القومية الروسية المنتمية عرقيا وثقافيا ودينيا لروسيا … فهم شعوب روسية أرثوذكسية يتبعون الكنيسية الشرقية الروسية الأرثوذكسية….
الغرب : و هو يتحدث اللغة الأوكرانية ، و هو غربي الهوى ، فمنهم 20% روس ، و20% من أصول بولندية ، و20% من أصول مجرية ورومانية ، ورغم أنهم جميعا ينحدرون من نفس الأصول السلافية «الصقالبة»، إلا أن ولائتهم وهوياتهم الثقافية متباينة جدا ، ورغم أنهم يعرفون جيدا عمق وعمر الصراع السلا,في الأنجلو.ساكسوني القديم جدا ، لكن هواهم الغربي واضح
ولمن لا يعلم ، فالغرب الأوروبي الأنجلوساكسوني عنده نظرة استعلائية تجاه العرق الأوروبي السلافي المنتشر في روسيا ووسط وشرق أوروبا ، لدرجة أن كلمة خادم بالانجليزية «Slave» مشتقة أصلا من اسم العرقية السـ،ـلافية كنوع من التحـ،ـقير والنظرة الدونية لهم )
الجنوب و فيه إقليم القرم و هو أصوله تترية و يتحدث اللغة التترية و الروسية ، و يدين بالولاء لروسيا الأم.
.
#ثانيا :- إحنا مش عرّابين للغرب و لا عرّابين للروس … لأن الإتنين ليهم أطماعهم كإمبراطوريات عظمي توسعية …. لكن لازم تحط في دماغك بعض الحقائق التاريخية اللى محدش يقدر ينكرها … إن تاريخيا روسيا عمرها ما إحتلت بلد عربي ، لكن دايما المحتل كان غربي …. اللي قصفنا في 56 كان الغرب مش الروس … و تم أحتلالنا 6 سنوات من 67 الى 73 بسلاح و دعم غربي و ماحاربناش و إنتصرنا إلا بسلاح روسي …. و حتى الثورة الصناعية اللى قامت في مصر في منتصف الخمسينات و الستينات كانت بدعم شرقي روسي و تحت الحصار الغربي … و الإرهاب ماضربناش في العقد الماضي إلا بدعم غربي كامل …. و اللى بيهاجمنا لغاية دلوقتي إعلاميا و بيشهّر بينا في كل وسائل الإعلام هم الغرب مش الروس …. فمحدش يدخل يقولي انت منحاز لروسيا و روسيا دولة توسعية و الكلام المراهق ده … إحنا بنشوف مصلحتنا الوطنية اللى فوق الغرب و الروس.
.
#ثالثا :- الأيديولوجية الجديدة ، اللي زعماء الغرب المدعومين من شبكات المصالح ورجال الأعمال بيحاولوا يفرضوها على العالم و هي النيوليبرالية أو الليبرالية الجديدة هي من أخطر التحديات الوجودية اللى بتقابل العالم حاليا …. فمصالحهم لا تعترف بالدول و لا بمصالحها القومية بل تعتمد في بقائها على إضعاف الدول القومية و سلطتها المركزية … فأجندتهم عابرة للحدود ، و هدفهم الكبير هو إنهاء القوميات و الثقافات و الولائات للأرض بخلق مواطنين محايدين تماما عن كل شىء حتى يسهل التحكم فيهم … فهم يسعون إلى تخليق نموذج المواطن السلبي المحايد اللامنتمي للوطن أو الدين أو العرق …. حتى الجنس يكون محايد فيه فلا هو راجل و لا هو ست ….بل جنس ثالث … عشان كده هتلاقي كل الأفلام الجديدة و حتى الكارتون اللى بيتربى عليه الأطفال بقي بيدعوا لهذه التعاليم والأفكار تحت شعارات «الصوابية السياسية»… وحرية الفرد في اختيار نوعه ودعم عمليات التحول الجنسي «الترانسجندرية» ، فسوبرمان و بات مان اللى مرتبطين بيهم الأطفال أصبحوا شواااااذ في النسخ الجديدة…. عشان المواطن يطلع يكون ولاؤه لعلم واحد هو علم الـ «رينبو – Rainbo» … أما علم دولته فمالهوش أي قيمة عنده …. و عشان كده هتلاقي المجموعات دي اللي تحكمت تماما في الإعلام العالمي و في مراكز إقتصاده بيحاربوا كل النماذج و القادة القومين على مستوى العالم … و كان أولهم رئيس أمريكا نفسه «ترامب»… اللي لأول مرة يتم تزوير الإنتخابات الأمريكية و منع الرئيس الأمريكي من التحدث لشعبه لمدة أكثر من شهر و إلغاء حساباته على السوشيال ميديا و إلغاء عشرات الآلاف من حسابات مؤيديه وقت الإنتخابات …. و كذلك إستهداف كل القادة القوميين على مستوى العالم زي الرئيس «السيسي» و «بوتين» و رئيس الصين و «محمد بن سلمان» و «محمد بن زايد» و غيرهم … و الله يرضى عليكم بلاش حد يخش يشخصن الأمور و يقولي «ترامب» كان وحش و «بوتين» شرير ورئيس الصين توسعي … إحنا بنتكلم على أيديولوجية و منهج بغض النظر عن تضارب مصالح القوميات دي أو إتفاقها ….. و مش بنقول مين ملاك و مين شيطان.
.
#رابعا :- المواجهة كانت حتمية و نحمد الله إن المواجهة تصدت ليها دولة كبيرة زي «روسيا» بدل ما نتحط إحنا في وش المدفع … و إعرف كويس إن لو الحرب دي انتهت بخسارة روسيا … فهنكون إحنا الدولة التانية اللى هيتلم عليها ضباع الغرب على طول … و إفتكر إن سفراء دول مجموعة الـ «G7» سابوا العالم كله … و سابوا الـ 193 دولة اللي مسجلين في الأمم المتحدة و ما اجتمعوش غير في «مـصــر» ، و ما أصدروش بيان بيطالبوا فيه دولة تانية تندد بالعدوان الروسي غير «مـصــر» … و ماهددوش دولة بواردات القمح و السياحة و الإقتصاد و بعض الملفات السياسية غير «مـصــر» …. لأن مصر عمود أساسي في التيار القومي العالمي المناهض لسياستهم.
.
#خامسا:- روسيا لم تسعى إلى الوضع الحالى و لكن أمريكا دفعتها إليه دفعاً ….. و صدّرت «أوكرانيا» في وش المدفع …. فجميع الأطراف الدولية كان فيه بينها اتفاق من زمان من ساعة توحيد الألمانيتين عام 1991 بأن الـ «ناتو» لن يتمدد ولن يتقدم إنش واحد نحو الشرق…. لكن أمريكا هي من خانت الاتفاق ونكثت بالعهد كعادتها فبدأت تزحف على حدود روسيا بضم جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق إما بإستمالتها بالإقتصاد أو عن طريق دعم المعارضين الموالين للغرب وتفجير الثورات الملونة في بلاد شرق أوروبا …. حتى نجحت عام 1999 في ضم (بولندا و التشيك و المجر) … ثم في عام 2004 نجحت في ضم ( أستونيا و بلغاريا و رومانيا و سلوفاكيا و سلوفانيا و لاتفيا و ليتوانيا و ألبانيا و كرواتيا)….
لكن «أوكرانيـا» كانت تعتبر هي «الجائزة الكبرى» والهدف الأكبر والنهائي في المخطط الأمريكي ، لأنها أكبر دولة اوروبية من حيث المساحة .. و صاحبة أكبر حدود مباشرة مع روسيا ، فبدأت أمريكا عام 2004 في تنفيذ خطتها لإبتلاع أوكرانيا وذلك بإطلاقها للثورة البرتقالية هناك، و نجحت في استقطاب الشباب المغيب والنشطاء فقاموا باسقاط الحكومة ذات الولاء الأيدولوجي لروسيا ، و صعدت الثورة وشباب الثورة إلى الحكم بشخصيات ذات ولاء «كاثوليكي» غربي بإمتياز … و طبعا كالعادة … و لأن الغرب مش بيجي منه غير شخصيات سياسية ضعيفة …. فشل الموالين للغرب في إدارة الملف الإقتصادي و السياسي ، وكان كل همهم هو تمرير مخطط إنضمام أوكرانيا للناتو و الإتحاد الأوروبي حتي لو على حساب الشعب الأوكراني ….. ليسقطوا في الإنتخابات مرة أخرى و يرجع نفس الرئيس اللى ثاروا عليه في 2004 و يرجع يمسك الحكم مرة تانية في 2010 … و تستقر الأمور مؤقتا… لغاية نوفمبر 2013 لما ألغي الرئيس الأوكراني إجراءات إنضمام أوكرانيا الى الإتحاد الأوروبي …. ليجن جنون أمريكا و تنفذ قرارها بإشعال أوكرانيا ، فقامت بدعم الشباب لينزل إلى الشوارع ليقوم بثورة ملونة أخرى … و لكنها صُدمت بعد ما فشلت في استقطاب الشعب الأوكراني و بالرغم من التضخيم و الدعم الإعلامي و على السوشيال ميديا …. لكن تقدر تقول كده إنها كانت ثورة منزوعة الدسم والزخم … فما قدروش يحشدوا غير شوية تجمعات احتجاجية ضعيفة.
.
و لما أمريكا حست إن الشعب الأوكراني رافض فوضى الثورة لأنه جربها قبل كده …. قامت بدعم أكثر التنظيمات الكاثوليكية القومية تطرفا في الجانب الغربي … و هم ما يطلق عليهم النازيين الجدد واللي احدى منظماتهم هي ما يعرف بـ «كـتـيـبـة آزوف» اللي كلمتكوا عنها بالتفصيل في بوست سابق…. و دعمتهم بالتمويل و السلاح ، فنزلوا الى العاصمة و كل المدن ليسحقوا جهاز الشرطة تماما بالقوة المسلحة… و احتلوا المراكز الحكومية لتسقط الحكومة و السلطة المركزية مرة أخرى و يعينوا حكومة غربية كاثوليكية مرة أخرى …. ومن ساعتها ، بدأ استهداف كل ما يمت للقومية الشرقية الأرثوذكسية و الثقافة الروسية بأي صلة …. فقامت هذه الميليشيات المدعومة حكوميا واللي ضموها بشكل رسمي للجيش الأوكراني بإستهداف الأقاليم الشرقية بالأسلحة الثقيلة و ارتكبوا هناك مجازر و حملات تطهير عرقية … كما منعوا إستخدام اللغة الروسية سواء في المدارس أو في التعامل اليومي أو الغناء او الفن الروسي أو العملة الروسية … لدرجة أن المواطن هناك لو دخل صيدلية يطلب دواء أو مستشفي و بيوصف للدكتور أعراض مرضه و هو بيتكلم روسي … كان بيتم طرده و عدم تقديم الخدمة له.
.
و الممارسات النازية العنصرية دي ما وقفتش لحد كده ، لكنهم قاموا بحملات عسكرية إرهابية إنتقامية ضد المدنيين في الأقاليم و المدن و القري ذات الأكثرية الأرثوذوكسية ترتقي إلى جرائم الحرب … فكانت التفجيرات و قصف المدارس و الأسواق التجارية و حرق الكنائس الأرثوذوكسية و الهجوم على القرى و قتل و إغتصاب النساء و حرق البعض أحياء من الأمور اليومية اللي كانت بتحدث هناك و على نطاق واسع ، وكل ده وسط تعتيم إعلامي وتجاهل غربي فاضح لكل هذه الفظائع
.
#سادسا:- مرة تانية وعاشرة بنقول : مفيش دولة في العالم تقبل بوجود سلاح إستراتيجي لدولة عدوة ليها على حدودها … لأن ده تهديد وجودي لها …. ومش هنحكي ولا هنفكركوا تاني بأزمة الصواريخ الكوبية بتاعة 1962 لما «جون كينيدي» حرّك أساطيله و صواريخه وأسلحته النووية و حاصر «كوبــا» و هددها بالفناء النووي لو وافقت على دخول ونصب الصواريخ الباليستية السوفيتية على أراضيها … و يومها «كينيدي» قالها بكل صراحة : لن أسمح بوجود صاروخ نووي واحد يصل إلى الأراضي الأمريكية في أقل من 8 دقائق … ووقتها لو كانت «كوبـا» ماسمعتش الكلام كانت أمريكا إجتاحتها و قامت حرب نووية …. و هو ده نفس اللي عملناه في «ليبيا» لما الرئيس «السيسي» حشد قواته على الحدود رداً على أنباء الغزو التركي …. و عمل مناورة كبيرة و قال إن سرت الجفرة خط أحمر … و لو القرد كان اتجنن و جرب يدخل ، كان الجيش المصري سفلت بيهم الأرض في ليبيا …. و ده نفس اللي عمله «بوتين» … برضو حشد قواته على الحدود و قال اللي هيدخّل سلاح الى أوكرانيا هخش أشيل الجيش الأوكراني من فوق وش الأرض … لكن لأن أمريكا كانت عايزة الحرب تقوم و المواجهة مع روسيا على أرض بعيدة عنها و شعب تاني هو اللي بيدفع ثمن الحرب و هو الشعب الأوكراني …. ما اتراجعتش و هي من أشعلت الحرب.
.
#سابعا :- إوعى تتغر بالدعاية الغربية إن الشعوب الأوروبية شعوب كيوت مسالمة و متحضرة و الكلام الفارغ ده …. أو حد يقول إزاي الغرب يضحي بشعب أوكرانيا الأوروبي و يدخله حرب يعاني منها ….. دي شعوب متعطشة للدماء و نادراً ما عاشوا في سلام بينهم و بين بعض … إنت بس اللى حظك إنك اتولدت في فترة سلام مؤقت تعتبر هي الأطول في التاريخ ، ومش هقولك إرجع للتاريخ القديم وشوف الحروب الدينية والعرقية في أوروبا في العصور الوسطى ، أفتكر بس هما عملوا إيه في بعض في الحربين العالمية الأولى و التانية و إزاي السباق اللي ما بينهم وقتها كان عبارة عن سباق مين هيقذف مدن التاني أكتر ، و مين هيقتل مدنيين أكتر من التاني … و المجازر اللي حصلت مثلا في حرب البلقان و القتل و التعذيب و الإغتـ،ــصاب الممنهج … فالإنسان عندهم أرخص شىء…. هما متعودين على كده.
.
#ثامنا:- أظن لما شوفنا الدعم الرهيب اللي واخده الأخ زيلينسكي .. عرفنا كويس ليه الغرب دايما مش بيدعم غير المعارضين الإمعات و الشخصيات الفاشلة … و عرفنا ليه دعموا معاتيه الإخوان و أول جاسوس مدني منتخب، و ليه بيحموا و يدعموا ناس زي محمد علي و الأخ أيمن بوتوكس و غيرهم … لأنهم عايزين دولنا تكون مجرد عرايس ماريونت في إيديهم