اعتقال دوروف مقدمة للإطاحة بالرئيس ترامب وإشراك الدول العربية في حرب عالمية
مفال منشور للمحلل السياسي :ألكسندر نازاروف
كثيرا ما نرفض الإيمان بإمكانية حدوث تغيير جذري، لا سيما في تحول الأمور إلى نقيضها.
الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟ الحرب بين روسيا و”الناتو”؟ الحرب بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين؟ الديكتاتورية الفاشية في أوروبا؟ الحرب الأهلية الأمريكية و/أو الديكتاتورية العنصرية في الولايات المتحدة؟ المجاعة العالمية والهجرات الجماعية والعصور المظلمة؟
يقول كثيرون: كفى مزاحا، كل ذلك مستحيل، لم يحدث هذا أبدا، بالتالي فلن يحدث.
لكن كثيرا من التناقضات غير المتوافقة مع بعضها البعض تراكمت على النظام العالمي الحالي، بحيث أصبح المخرج الوحيد منها هو الحلول الأكثر جذرية. وفي إطار الأزمة الراهنة غير المسبوقة، لم تعد هناك تدابير نصف ممكنة في جميع المجالات، ولم يعد على المرء سوى أن يختار التوقعات الأكثر تطرفا، وبرغم ذلك سيتجاوزها الواقع.
هناك عدة أسباب وراء اعتقال مؤسس تطبيق “تلجرام” بافل دوروف، ولا علاقة لها بالتفسير الكاذب للسلطات الفرنسية.
هناك أسباب حالية: محاولة الغرب احتكار وسائل الإعلام العالمية، والرقابة، والقضاء على المنافسة السياسية، وفرض وجهات النظر التي ترغب فيها نخب العولمة على الناس، وحتى استخدام “التلغرام” من قبل الجنود الروس للتواصل مع بعضهم البعض حال لم تعمل الاتصالات العسكرية لسبب ما أو حال تم قمعها بواسطة الحرب الإلكترونية وفقا لبعض قنوات “تلغرام”.
إلا أن ما أعتبره السبب الرئيسي وراء ذلك هو استعداد الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، للانتفاضات الشعبية، ما يلغي إمكانية تنسيق الاحتجاجات عبر تطبيق “تلغرام”.
من الطبيعي أن يكون ماكرون بيدقا ينفذ أوامر واشنطن. ووراء اعتقال دوروف يقف أسياد الولايات المتحدة الأمريكية، نخبة العولمة. وأعتقد أن محاولة إخضاع الشبكة الاجتماعية الوحيدة في العالم، التي لا تزال غير خاضعة لسيطرة الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية الخاصة، تشير إلى أن نخب العولمة تقدر احتمالية فوز ترامب بأنها مرتفعة، وتستعد للقضاء عليه بالقوة وقمع كافة الإجراءات المحتملة من أنصاره، وتشويش تصرفات العدو والقضاء على التنسيق والتواصل هو فعليا نصف النصر.
وحقيقة أن ماكرون ورؤسائه لا يبالون بمدى عدم ديمقراطية كل هذا، تقنعني بأن اعتقال دوروف مرتبط على وجه التحديد بالانتخابات الأمريكية. وعندما تكون المخاطر مرتفعة إلى هذا الحد، فإن الغرب لم يعد يولي اهتماما بالتكاليف. ولم يعد أحد يهتم بتقليل الضرر السياسي، بل يجب تحقيق الهدف بأي وسيلة وفي أقصر وقت ممكن. بقي شهرين قبل الانتخابات، ولا يوجد وقت لإقناع دوروف أو الضغط عليه لفترة طويلة، يجب كسره على الفور، لذا فإن الاتهامات قاسية قدر الإمكان، ولا يهم مثلا أنها سخيفة إلى أبعد الحدود.
فقد أدرك الغرب حتمية الحرب الكبرى، وبدأ في الاستعداد لها. ونظرا لحجم التحدي، والحاجة إلى تعبئة وتركيز الموارد، فمن غير المرجح أن يتمكن الغرب من تحقيق حالة الاستعداد المطلوبة دون اتخاذ تدابير طارئة، بما في ذلك قمع الاحتجاجات وإدخال أنظمة دكتاتورية قاسية، تشمل فيما تشمل فرض السيطرة الكاملة على شبكات التواصل الاجتماعي.
بالنسبة للدول العربية، فإن اعتقال دوروف يشكل توازيا مباشرا مع مصيرها في وقت لاحق. وفي إطار صراع عالمي بهذا الحجم، فإن الحياد مستحيل، لا على مستوى الشبكات الاجتماعية، ولا على مستوى الدول. وسيتعين عاجلا وليس آجلا اختيار جانب من الجوانب وتحمل تكاليف هذا القرار. وربما تكون الهند وحدها هي القادرة على الدفاع عن حيادها، لكن هذا أيضا ليس مضمونا.
علاوة على ذلك، فإذا فازت كامالا هاريس في الانتخابات، سيتعين على دول العالم، بما في ذلك الدول العربية، اختيار أحد الجوانب مرتين: أولا في حالة الصراع بين روسيا و”الناتو”، وثانيا في حالة الحرب بين الولايات المتحدة وحلفائها على جانب، وبين الصين على الجانب الآخر.
بالنسبة للدول الصغيرة، ستكون الإمكانية الوحيدة لتجنب الانجرار إلى حرب عالمية هي انهيار الاتحاد الأوروبي، واندلاع حرب أهلية في الولايات المتحدة وتركيزها على المشكلات الداخلية.
مع ذلك، وكما نرى في حالة اعتقال دوروف، فإن القوى التي تقف وراء الديمقراطيين تعمل بالفعل على وقف الحرب الأهلية في مهدها.
ولن يكون من المبالغة القول إن مصير بافل دوروف سيحدد كيفية تطور الوضع في الولايات المتحدة، بالتالي سيحدد كم مليون عربي سيموت بسبب الحرب والمجاعة أو سيضطرون إلى مغادرة بلدانهم في السنوات المقبلة. تذكروا هذا بينما تقرأون آخر الأنباء حول دوروف أو “تلجرام”.