اتفاقية مونترو

كانت المعاهدة واحدة من سلسلة من الاتفاقيات في القرنين 19 والعشرين سعت لحل “مسألة المضائق” القائمة لزمن طويل حول من يحق له التحكم في الوصلة الحيوية الاستراتيجية بين البحر الأسود و البحر المتوسط وفي 1923، جعلت معاهدة لوزان الدردنيل منزوع السلاح وفتحت المضائق للمرور المدني والعسكري غير المحدودين، تحت إشراف مفوضية المضائق الدولية التابعة لعصبة الأمم

في أبريل 1935، أرسلت الحكومة التركية مذكرة دبلوماسية مطوّلة إلى الموقعين على معاهدة لوزان تقترح عقد مؤتمر للاتفاق على نظام جديد للمضائق وطلبت أن تسمح عصبة الأمم بإعادة إنشاء حصون الدردنيل. وفي المذكرة، شرح وزير الخارجية التركي توفيق راشد آراس أن الوضع الدولي قد تغير كثيراً منذ 1923. وفي ذلك الوقت، كانت أوروبا تميل إلى نزع سلاح المضائق واصدار ضمان دولي بالدفاع عن المضائق.  أزمة الحبشةفي 1934–35، سحب ألمانيا التزامها بمعاهدة فرساي والتحركات الدولية تجاه إعادة التسليح كانت تعني أن “الضمان الوحيد الذي يهدف إلى حماية المضائق قد انعدم بدوره”. في الواقع، قال أراس، “الدول المعنية بشكل وثيق تعلن عن وجود خطر مواجهة عام.” نقاط الضعف الرئيسية في النظام الحالي أن آلية الضمانات الجماعية كانت بطيئة وغير فعالة، لم يكن هناك أي طوارئ لتهديد عام بالحرب ولم يكن هناك بند مخصص للدفاع عن تركيا. وبالتالي فإن تركيا قد إستعدت للدخول في مفاوضات بغية التوصل في المستقبل القريب إلى إبرام اتفاقيات حول تنظيمات نظام المضائق في ظل الظروف الأمنية التي لا غنى عنها لضمان عدم المساس بالأراضي التركية، بروح أكثر تحرراً، للنمو المضطرد للملاحة بين البحرين المتوسط والأسود.

الرد على المذكرة كان، بشكل عام، إيجابياً، ووافقت أستراليا و بلغاريا و فرنسا و ألمانياو اليابان و رومانياو الإتحاد السوفيتي و تركياو المملكة المتحدة و يوغوسلافيا على حضور مفاوضات في مونترو في سويسرا، والتي بدأت في 22 يونيو 1936. القوتان الكبار اللتان لم يحضرا: إيطاليا، التي كانت سياساتها التوسعية بشكل عدائي هي ما دعا تركيا لاقتراح عقد المؤتمر في ، وقد رفضت الحضور؛ و الولايات المتحدة رفضت حتى إرسال مراقب.

وضعت كل من تركيا والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتي مجموعة المقترحات الخاصة بها، والتي تهدف بصفة رئيسية إلى حماية مصالحها. فضل البريطانيون استمرار النهج المقيد نسبياً، بينما سعى الأتراك لنظام أكثر تحررية والذي يعيد إحكام سيطرتهم على المضائق واقترح السوفيت النظام الذي يضمن الحرية المطلقة للمرور. البريطانيون، مدعومين من فرنسا، سعوا لاستبعاد الأسطول السوفيتي من البحر المتوسط، حيث كان من المحتمل أن يهدد طرق الشحن الحيوية إلى الهند و صر و الشرق الأقصى . في النهاية، تنازل البريطانيون عن بعض مطالبهم بينما نجح السوفيت في ضمان أن بلدان البحر الأسود – وتشمل الإتحاد السوفيتي – حصلت على بعض الإعفاءات من القيود العسكرية المفروضة على غير بلدان البحر الأسود. تم التصديق على الاتفاقية من قبل جميع المشاركين في المؤتمر عدا ألمانيا، والتي لم تكن موقعة على معاهدة لوزان، مع تحفظات من اليابان/ ودخلت حيز التنفيذ في 9 نوفمبر 1936.

يعزى استعداد بريطانيا لتقديم التنازلات إلى الرغبة في تجنب الدخول في تحالف مع تركيا، أو السقوط تحت سيطرة  أدولف هتلرأو بنيتو موسيليني ومن ثم فقد كانت أولى الخطوات التي اتخذتها بريطانيا وفرنسا لضمان أن تركيا إما ستظل على الحياد أو تميل نحو الحلفاء الغربيين في حالة حدوث أي صراع مستقبلي مع قوى المحور.

البنود والآثار

تتألف المعاهدة من 29 بنداً وأربع ملاحق وبروتوكول.

البند 21 يعطي تركيا الحق في إغلاق الممرات البحرية إذا كانت تركيا في حالة حرب أو تشعر بخطر يقترب.

التعديلات

في 1936، مرت نحو 5,000 سفينة في المضائق التركية سنوياً. واليوم فإن هذا الرقم يربو على 50,000، ضمنهم نحو 10,000 ناقلة نفط تحمل نحو 150 مليون طن من النفط ومشتقاته

من الواضح أن هناك عبئا ثقيلاً وخطيراً على المضيق. وقد حدثت حوادث خطير فيه. مع ذلك فمونترو لا تزال سارية. وفي عام 1994، أصدرت تركيا قانوناً لتنظيم المرور الآمن، وليس لتعديل مونترو. عارضت روسيا بجدية حتى هذا القانون. وانتقدت اليونان ودول البحر الأسود أيضا. ولكن بعد إجراء مفاوضات في المنظمة البحرية الدولية، تم قبول المدونة بعد تعديل بعض البنود. ومنذ ذلك الحين أصبحت سارية المفعول دون شكاوى.

معاهدة لوزان لم تذكر سيادة تركيا على المضائق. ولم تسمح للجنود الأتراك بالانتشار حول المضائق، وأعطت حق الإشراف على مرور السفن إلى مفوضية المضائق الدوليىة التي تشكلت في 1923. وظلت المفوضية تشرف على المضائق التركية حتى حلتها معاهدة مونترو، وأعطت حق الإشراف لتركيا.

تصاعد الفاشية في أوروبا جعل بريطانيا وفرنسا أكثر قرباً إلى تركيا. استفاد أتاتورك ورفاقه بشكل جيد من هذا الظرف. بعد مفاوضات استمرت شهرين، في 20 يوليو 1936، وقعت جميع الدول من جميع الأطراف (باستثناء موسوليني) على اتفاقية مونترو. وبعد عامين، اضطر موسوليني، أيضاً، لتوقيعها.

ضم تركيا لـ لواء الإسكندرونة السوري وتوقيع تحالف بين تركيا وبريطانيا وفرنسا تزامنا مع توقيع معاهدة مونترو.

أكذوبة البنود السرية

تسري أكذوبة بين المتعاطفين مع الخلافة العثمانية مفادها أن ثمة بنود سرية في معاهدة لوزان تتعلق بحفنة من الأكاذيب منها:

  • بند يحد سريان المعاهدة بمائة عام فقط. ومع اقتراب عام 2023، تسري سيناريوهات مؤامرة كثيرة حول ما سيحدث آنئذ.
  • بند يتعهد فيه عصمت اينونو بجعل الشباب يدمنون كرة القدم حتى يبتعدوا عن الدين.
  • بند تتعهد فيه تركيا بنشر توظيف المرأة في العمل خارج بيتها حتى تضعف الأخلاق.

ويرافق تلك الشائعات شائعة أخرى بوجود بند سري في معاهدة مونترو حول نظام المضائق (1936)، المكملة لمعاهدة لوزان، مفادها أن المعاهدة يمكن مراجعتها كل عشرين سنة، وأن تركيا من حقها إرسال إخطار بإلغاء المعاهدة قبل سنتين من تاريخ المراجعات العشرينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى